الصورة الفنية للإقدام والإحجام في شعر الفرزدق

الملخص

    الإقدام حالة نفسية وإنسانية مطلوبة ومرغوبة، ولا تخلو منها ذات إنسانية - سواءً كان إيجابياً أو سلبياً - وهذه الظاهرة بحاجة إلى محفزات تؤثر فيها فتجعلها قوية وبارزة عند شخص معين، أو عند شاعر بعينه حتى تعد معلماً من المعالم البارزة في شعره، وظاهرة سلوكية سهلة الملاحظة والرصد في أفعاله وما يقوم به، أما الإحجام فهو أيضاً حالة نفسية كما هي حالة الإقدام ويحتاج إلى محفزات تحركه وتحفزه، وتحوله من حالة نفسية إلى عملية مجسدة يقوم بها الشخص بغية الحفاظ إما على ماله أو روحه، اعتقاداً منه أن البخل يبقي المال ويحافظ عليه، أو أن الجبن والخوف والفرار وعدم مواجهة القدر المحتوم يزيد من عدد سنين العمر ناسياً أو متناسياً قوله تعالى:﴿ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ﴾ ولا مفر من هذا الأجل المحتوم بل كما قال تعالى:﴿ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُون ﴾ والفرزدق من الشعراء الذين نرصد في أشعارهم محفزات الإقدام والاحجام بوضوح ولعل من أبرز تلك المحفزات رسم الصورة الحربية والدينية، ولقد اعتمدنا في بحثنا هذا على تقسيم الإقدام والإحجام بحسب الإيجابية والسلبية، فالإقدام الإيجابي يعد ركيزة للشجاعة واقتحام الأُمور الصعبة بحكمة وروية، وهناك الإقدام السلبي الذي يخضع للعاطفة أكثر من خضوعه للعقل فيوقع صاحبه في التهور والطيش والندم، أما الإحجام ففيه الإيجابي الذي يخضع للعقل والتصبر والحكمة، والإحجام السلبي الذي يعد ركيزة أساسية للتخاذل و التردد والجبن، وكان شعر الفرزدق خير ميدان لنا ليسعفنا بالأمثلة والشواهد على الإقدام الإيجابي والسلبي والإحجام الايجابي والسلبي .